(الرَيـاء)
المدرس:
يقوم بعض الناس بأعمالٍ وعباداتٍ للّه تعالى. فمنهم من يكون عمله بإخلاصٍ للّه تعالى، وحده لا شريك له، وبعضهم يقوم بالعبادة رياء. أَو مع شيءٍ من الرياء.
فيصل :
ما معنى الرياء؟ وكيف يكون في العبادة؟
المدرس:
الرياء لغة: معناه الإظهار. ومعناه شرعاً: (فعل الخير بقصد أن يراه الناس ويحمدوه عليه). فترى المُرائي يُحسِّن العمل أمام الآخرين، ولا يقصد طاعة اللّه بهذا التحسين للعمل.
أسامة :
الصلاة عبادة للّه تعالى. فهل يحصل فيها رياء؟
المدرس:
نعم. قد يحصل الرياء من بعض الناس في أثناء الصلاة. كأنْ يقُوْمُ الْرَّجُلُ فيُصلِّي فيُزيِّنُ صلاته لما يرى منْ نظر رجُلٍ. وقد يشتد خطر الرياء على أحدهم فيصل به إلى حال النفاق وهو يُرائي الناس بعمله.
وإن من أهم أسباب الرياء: حُبّ الظهور والرئاسة وضعف الإِيمان. وأخطرُ نتائج الرياء: عدم قبول الأعمال عند اللّه تعالى، وعدمُ الثِّقة بين الناس. ولا تنسوا أن اللّه تعالى جعل للأعمال شرطين أساسيين. هما:
1- أن يكون العمل صالحاً صواباً مشروعاً موافقاً للكتاب والسنة.
2- أن يكون عملا خالصا للّه تعالى بعيداً عن كل أنواع الشرك كبيرهِ وصغيرهِ. ومن الشرك: الرياء.
عيسـى:
هل هناك دليل يجمع هذين الشرطين للعمل المقبول عند اللّه؟
المدرس :
نعم. إن الـدليـل على هذين الشرطين، هو قول اللّه تعالى:{ قُلْ إنَّمَا أنَاْ بَشَرٌ مثْلُكُمْ يُوْحَى إلىَّ أنَّما إلَهُكُم إلَهٌ واحِدٌ . فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاَ وَلا يُشْركْ بِعِبَادَة ربِّهِ أحَدَاً }. (الآية 110 من سورة الكهف).
ومن هذا النص نرى أنه من أراد لقاء اللّه لقاء حسناً ورجى ثوابـه، فإِنَّ عليـه أن يُخلص العمل للّه وحده لا شريك له، مُتَّبعا فيه رسول اللّه محمداً- صلى الله عليه وسلم- فلا يُدْخلُ فيه شركا أو رياء، ولا يخالف نصوص الكتاب و السنة.
ولنعلم جيدا أنّ اللّه تعالى غنيّ لا يحتاج إلى أحد من خلقه، بل كل الخلق بحاجة إلى اللّه سبحانه وتعالى. فعن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم:" قال الله تبارك وتعالى: أناْ أغْنى الْشُّركاء عنْ الْشِّرك. من عمل عملاً أشْرك فيْه معي غيْري، تركْتُهُ وشرْكهُ ". (رواه الإمام مسلم).
ومن هذا الحديث القدسي الذي يرويه الرسول - صلى الله عليه وسلم- عن اللّه تعالى، نفهم أنه لا يجوز لأحد أن يجعل نصيباً من العبادة لغير اللّه تعالى، ومن جعل لغير اللّه شيئا من العبادة تركه اللّه وشرْكه، أي لا يُعطيه الثواب على تلك ا لعبادة.
عمـر :
هل للرياء اسم آخر؟
المدرس :
نعم. إن الرياء يُسمى الشرك الخفي.
مصطـفى:
لم سُمِّي الرياء الشرك الخفيَّ؟
المدرس :
سميّ الرياء بهذا الاسم، لأنه يَخفى على كثير من الناس أي: أنه لا يظهر لهم قصد صاحبه. وتعلمون أنّ النية محلُّها القلب، فيخفَى على الناس قصدُ الشخص المرائي في عبادته، ويظنون أنه مخلص للّه تعالى في عبادته وسائر أعماله، لكن اللّه سيُجازيه على هذه السيئة العظيمة ويفْضحُهُ. إمَّا عاجلاَ في الدنيا أو آجلاً في الآخرة. إِن لم يتب إلى اللّه تعالى ويترك الرياء.
وعن عبد اللّه بن عباس- رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه- صلى الله عليه وسلم-: " منْ سمَّع سَمَّعَ اللّه به. ومنْ راءى راءى اللّه به ".(رواه الإمام مسلم).
طـارق:
ما معنى: منْ سمَّع سمَّع اللّه به؟
المدرس :
سمَّع: فعْل ماضٍ من السُّمْعة، وهي قصْدُ الإِنسان بأقواله وأعماله أن يسمع بها الناس ليكرموه ويعظموه، وسمَّع اللّه به أي: فضحه وكشف أمره بين الناس في الدنيا والآخرة.